اسامة عبد العال المدير العام
![المدير العام المدير العام](https://i.servimg.com/u/f29/16/39/65/34/azm_2910.gif)
![اسامة عبد العال](https://2img.net/u/2915/14/86/01/avatars/1-60.jpg)
1 ![ذكر ذكر](https://2img.net/s/t/12/80/99/i_icon_gender_male.gif) 293 تاريخ التسجيل : 03/04/2011
![ابو ايوب الانصاري Empty](https://2img.net/i/empty.gif) | موضوع: ابو ايوب الانصاري الأحد مايو 01, 2011 12:43 pm | |
| هذا الصحابي الجليل يُدعى خالد بن زيد بن كُليب ، من بني ((النّجّار)) .. أمّا كُنيته فأبو أيّوب .. وأمّا نسبته فإلى الأنصار . ومن منَّا معشرَ المسلمين لا يعرف أبا أيّوب الأنصاريّ ؟! . فقد رفع الله في الشرق والغرب ذِكره ، وأعلى في الخلق قدره ؛ حين اختار بيته من دون بيوت المسلمين جميعاً لينزل فيه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لمّا حلَّ في المدينة مُهاجراً ، وحسبُهُ بذلك فخراً . ولنزُول الرسول صلوات الله عليه في بيت أبي أيّوب قصّة يحلو تردادها ويلذُّ تكرارها . ذلك أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام حين بلغ المدينة تلقّته أفئدة أهلها بأكرم ما يُتلقّى بهِ وافد … وتطلَّعت إليه عيونهم تبثّه شوق الحبيب إلى حبيبه … وفتحوا له قلوبهم ليحلَّ منها في السّويداء ـ أي في أعماق القلوب ـ … وأشرعوا له أبواب بيوتهم لينزل فيها أعزّ منزل . لكن الرسول صلوات الله وسلامه عليه ، قضى في ((قباء)) من ضواحي المدينة أيّاماً أربعة ، بنى خِلالها مسجده الذي هو أوّل مسجد أُسّس على التّقوى . ثمَّ خرج منها راكباً ناقته ، فوقف سادات ((يثرب)) في طريقها ، كلٌّ يريد أن يظفر بشرف نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته … وكانوا يعترضون النّاقة سيّداً إثرَ سيّد ، ويقولون : أقِم عِندنا يا رسول الله في العَدَدِ والعُدَدِ والمَنعَة (المنعة: القوّة التي تمنع من يريده بسوء) . فيقول لهم : (دعوها فإنّها مأمورة) . وتظلّ الناقة تمضي إلى غايتها تتبعها العيون ، وتحفّ بها القلوب … فإذا جازت منزلاً حزِنَ أهله وأصابهم اليأس ، بينما يُشرق الأمل في نفوس من يليهم . وما زالت الناقة على حالها هذه ، والناس يمضون في إثرها ، وهم يتلهّفون شوقاً لمعرفة السّعيد المحظوظ ؛ حتّى بلغت ساحة خلاء أمام بيت أبي أيّوب الأنصاريّ ، وبركت فيها …لكنّ الرسول عليه الصلاة والسلام لم ينزل عنها … فما لبثت أن وثبت وانطلقت تمشي ، والرسول صلى الله عليه وسلم مُرخٍ لها زمامها ، ثمّ ما لبثت أن عادت أدراجها وبركت في مبركها الأوّل . عند ذلك غمرت الفرحة فؤاد أبي أيّوب الأنصاريّ ، وبادر إلى رسول الله صلوات الله عليه يُرحّب به ، وحمل متاعه بين يديه ، وكأنّما يحمل كنوز الدنيا كلّها ، ومضى بهِ إلى بيته . كان منزل أبي أيّوب يتألّف من طبقة فوقها عُلّيَّة ، فأخلى العُلّيَّة من متاعه ومتاع أهله ليُنزِلَ فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم … لكنَّ النبي عليه الصلاة والسلام آثَرَ عليها الطّبقة السُّفلى ، فامتثلَ أبو أيّوب لأمره ، وأنزلَهُ حيث أحبَّ . ولمّا أقبل الليل ، وأوى الرسول صلوات الله عليه إلى فراشه ، صعدَ أبو أيّوب الأنصاريّ وزوجه إلى العُلّيّة ، وما إن أغلقا عليهما بابها حتّى التفّتَ أبو أيّوب إلى زوجته وقال : وَيحَكِ ، ماذا صَنعنَا ؟! … أيكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسفل ، ونحن أعلى منه ؟! … أَنَمشي فوق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! … أنَصيرُ بين النبي والوحي ؟! إنّا إذن لهالكون . وسُقِطَ في أيدي الزّوجين ـ أي تحيّرا وندِما ـ وهما لا يدريان ما يفعلان . ولم تسكن نفساهما بعض السكون إلا حين انحازا إلى جانب العُلّيّة الذي لا يقع فوق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتزماه لا يبرحانه إلا ماشيين على الأطراف مُتباعِدين عن الوسط . فلمّا أصبح أبو أيّوب ؛ قال للنبي عليه الصلاة والسلام : واللهِ ما أُغمِضَ لنا جفن في هذه الليلة ، لا أنا ولا أمّ أيّوب . فقال عليه الصلاة والسلام : (وممَّ ذاكَ يا أبا أيّوب؟!) . قال : ذكرتُ أنِّي على ظهر بيت أنت تحته ، وأنّي إذا تحرّكت تناثرَ عليك الغُبار فآذاك ، ثمّ أنِّي غدوت بينك وبين الوحي . فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام : ((هوّن عليك يا أبا أيّوب ، إنَّهُ أرفقُ بنا أن نكونَ في السٌّفلِ ؛ لكثرةِ مَن يغشانا ـ أي يزورنا ـ من الناس )) . قال أبو أيّوب : فامتثلت لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن كانت ليلة باردة فانكسرت لنا جرّة وأريق ماؤها في العُلّيَّة ، فقُمتُ إلى الماء أنا وأمّ أيّوب ، وليس لدينا إلا قطيفة ـ أي قطعة من المخمل ـ كُنّا نتّخذها لِحافاً ، وجعلنا نُنشّف بها الماء خوفاً من أن يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلمّا كان الصّباح غدوت على الرسول صلوات الله عليه ، وقلت : بأبي أنت وأمّي ، إنّي أكره أن أكون فوقك ، وأن تكون أسفل منّي … ثمّ قصصتُ عليه خبر الجرّة ، فاستجاب لي ، وصعدَ إلى العُلّيّة ، ونزلتُ أنا وأمّ أيّوب إلى السُّفل . أقام النبي عليه الصلاة والسلام في بيت أبي أيّوب نحواً من سبعة أشهر ، حتّى تمّ بناء مسجده في الأرض الخلاء التي بركت فيها النّاقة ، فانتقل إلى الحُجرات التي أقيمت حول المسجد له ولأزواجه ، فغدا جاراً لأبي أيّوب ، أكرِم بهما من مُتجاورين . أحبَّ أبو أيّوب رسول الله صلوات الله عليه حُبَّاً ملكَ عليه قلبهُ ولُبّه ، وأحبَّ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أبا أيّوب حُبّاً أزال الكُلفة فيما بينه وبينه ، وجعلهُ ينظُر إلى بيت أبي أيّوب كأنّهُ بيتُهُ . حدَّثَ ابن عبَّاس قال : خرج أبو بكر رضي الله عنه بالهاجِرة ـ أي في نصف النهار في شدّة القيظ ـ إلى المسجد فرآه عمر رضي الله عنه ، فقال : يا أبا بكر ما أخرجَكَ هذه الساعة ؟! . قال : ما أخرجني إلا ما أجِدُ من شدّة الجوع . فقال عمر : وأنا واللهِ ما أخرجني غيرُ ذلك . فبينما هما كذلك ؛ إذ خرجَ عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (ما أخرجَكما هذه الساعة؟!) . قالا : واللهِ ما أخرجنا إلا ما نجِدُهُ في بطوننا من شدّة الجوع . قال عليه السلام : ( وأنا ـ والذي نفسي بيده ـ ما أخرجني غيرُ ذلك … قوما معي ). فانطلقوا فأتوا باب أبي أيّوب الأنصاريّ رضي الله عنه ، وكان أبو أيّوب يدَّخر لرسول الله صلى الله عليه وسلم كلَّ يوم طعاماً ، فإذا أبطأ عنه ولم يأتِ إليه في حينه أطعمه لأهله .. فلمّا بلغوا الباب خرجت إليهم أمّ أيّوب ، وقالت : مرحباً بنبيّ الله وبمَن معه . فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام : (أينَ أبو أيّوب ؟) … فسمعَ أبو أيّوب صوت النبي صلى الله عليه وسلم ـ وكان يعمل في نحل قريب له ـ فأقبل يُسرِع ، وهو يقول : مرحباً برسول الله وبِمَن معه ، ثُمَّ أتبعَ قائلاً : يا نبيَّ اللهِ ليس هذا بالوقت الذي كُنتَ تجيء فيه . فقال عليه الصلاة والسلام : (صدقتَ) ، ثمَّ انطلقَ أبو أيّوب إلى نخيله فقطعَ منهَ عِذقاً ـ أي غصن له شِعب ـ فيه تمرٌ ورُطَب وبُسْرٌ ـ الرطب: ما نضج من تمر النخل ، والبسر: ما لم يكتمل نضجه ـ . فقال عليه الصلاة والسلام : ( ما أردتُ أن تقطع هذا ، ألا جَنيتَ لنا من تَمرِه ؟) . قال : يا رسول الله أحببتُ أن تأكُلَ من تمرِهِ ورُطَبِهِ وبُسْرِهِ ، ولأذبحنَّ لك أيضاً . قال : ( إن ذبحتَ فلا تذبحنَّ ذات لبنٍ ) . فأخذ أبو أيّوب جَدياً فذَبحه ، ثمَّ قال لامرأته : اعْجِني واخبزي لنا ، وأنتِ أعلم بالخَبزِ ، ثمّ أخذَ نصف الجَدي فطبخَهُ ، وعمَدَ إلى نصفه الثاني فشواه ، فلمَّا نضِجَ الطعام ووُضِعَ بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ، أخذَ الرسول قطعة من الجدي ووضعها في رغيف ، وقال : (يا أبا أيّوب ، بادِر بهذه القِطعة إلى فاطمة ، فإنّها لم تُصِب مثل هذا منذُ أيّام ) .. فلمّا أكلوا وشبِعوا قال النبي صلى الله عليه وسلم : (خُبزٌ ، ولحمٌ ، وتمرٌ ، وبسرٌ ، ورُطبٌ !!! ) … ودمَعت عيناه ثمَّ قال : ( والذي نفسي بيده إنَّ هذا هو النعيم الذي تُسألون عنه يوم القيامة ، فإذا أصبتم مثلَ هذا فضربتم بأيديكم فيه فقولوا : بسمِ اللهِ ، فإذا شبِعتم فقولوا : الحمدُ للهِ الذي هوَ أشبعنا وأنعمَ علينا فأفضَلَ ). ثمَّ نهض الرسول صلوات الله عليه ، وقال لأبي أيّوب :
( ائْتِنَا غداً ) . وكان عليه الصلاة والسلام لا يصنع له أحدٌ معروفاً إلا أحبَّ أن يُجازيَهُ عليه ، لكنَّ أبا أيّوب لم يسمع ذلك .. فقال له عمر رِضوان الله عليه : إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يأمُرُكَ أن تأتيهِ غداً يا أبا أيّوب . فقال أبو أيّوب : سَمعاً وطاعةً لرسول الله . فلمّا كان الغد ذهبَ أبو أيّوب إلى النبي عليه الصلاة والسلام فأعطاه جاريةً صغيرة كانت تخدمه ، وقال له : ( اسْتوصِ بها خيراً ـ يا أبا أيّوب ـ فإنّا لم نرَ منها إلا خيراً ما دامت عِندنا ) . عاد أبو أيّوب إلى بيته ومعه الجارية ؛ فلمّا رأتها أمّ أيّوب : قالت : لِمن هذه يا أبا أيّوب ؟! . قال : لنا … مَنَحنا إيَّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقالت : أعظِم بهِ من مانِحٍ ؛ وأكرِم بها من مِنحةٍ . فقال : وقد أوصانا بها خيراً . فقالت : وكيفَ نصنع بها حتّى نُنفِّذ وصيّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ . فقال : واللهِ لا أجدُ لوصيّة رسول الله بها خيراً مِن أن أُعتِقها . فقالت : هُدِيتَ إلى الصّواب ، فأنتَ مُوفّقٌ … ثمّ أعتقها . هذه بعض صور حياة أبي أيّوب الأنصاريّ في سِلمِهِ ، فلو أُتيحَ لكَ أن تقِفَ على بعض صور حياته في حربِهِ لرأيتَ عجبَاً … فقد عاش أبو أيّوب رضي الله عنه طول حياته غازياً حتّى قِيلَ : إنّه لم يتخلّف عن غزوة غزاها المسلمون منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى زمن معاوية إلا إذا كان مُنشغِلاً عنها بأخرى . وكانت آخر غزواته حين جهّز معاوية جيشاً بقيادة ابنه ((يَزيد)) ، لِفتحِ ((القُسطَنطِينيَّة)) ، وكان أبو أيّوب آنذاك شيخاً طاعِناً في السّنّ يحبو نحوَ الثمانين من عمره ؛ فلم يمنعه ذلك من أن ينضمّ تحت لواء ((يزيد)) ، وأن يشقّ أمواج البحر غازياً في سبيل الله . لكنّه لم يمضِ غير قليل على منازلة العدوّ حتّى مرِض أبو أيّوب مرَضاً أقعدَه عن مواصلة القتال ، فجاء (يزيد)) ليعُودَهُ وسألَهُ : ألَكَ من حاجةٍ يا أبا أيّوب ؟ . فقال : اِقرَأ عنِّي السلام على جُنودِ المسلمين ، وقل لهم : يُوصيكم أبو أيّوب أن تُوغِلوا في أرضِ العدوِّ إلى أبعدِ غايةٍ ، وأن تحمِلوه معكم ، وأن تدفِنوه تحت أقدامِكم عِندَ أسوار ((القُسطنطينيّة)) … ولفظَ أنفاسَهُ الطَّاهِرة . استجاب جُندُ المسلمين لِرغبة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكرُّوا على جُند العدوِّ الكرَّة بعدَ الكرَّة ، حتَّى بلغوا أسوار ((القسطنطينيّة)) وهم يحملوا أبا أيّوب معهم … وهُناكَ حفروا له قبراً وواروهُ فيه . رحِمَ اللهُ أبا أيّوب الأنصاريَّ … فقد أبى إلا أن يموتَ على ظُهورِ الجِيادِ الصَّافِنات ـ وهي صفة من صفات الجياد الكريمة ـ غازياً في سبيل الله … وسِنُّهُ تُقارِب الثمانين . | |
|