[center]وسط مجتمع أوروبي يعج بالتطور العلمي و الانحدار الأخلاقي فى آن واحد,شعر الشاب اليهودي بغربة نفسية ووحشة فرحل من الغرب الذى تضيع روحه في ضوضاء الآلة الخانقة إلى الشرق الدافيء بفلسفة الحياة وضيفنا ارتحل من معقل الحضارة الغربية الى بلاد العرب والمسلمين حتى يصل الى مراده.
ولد ليوبولد فايس بإقليم غاليسيا في بولندا في (2 يوليو عام 1900م) وكان الإقليم آنذاك تابعا للأمبراطورية النمساوية.
كان أبواه يهوديين متعصبين، وجده لأبيه كان حاخاماً أورثوذوكسيا وقد تربى تربية دينية وبدأ يتدرب ليصبح كاهنا مثل جده.
لم يقف طموح ليوبولد وبحثه عن الحقيقة عند حد حيث درس الفلسفة في جامعة فيينا, وعمل مراسلا صحفيا حيث فتحت امامه ابواب المعرفة من خلال مهنة البحث عن المتاعب وكان ذلك في عام 1921م.
في هذا الوقت كانت الفكرة الصهيونية بدأت تنتشر بين اليهود انتشار النار في الهشيم, وبدأ اليهود في الهجرة الى فلسطين فهاجر خال ليوبولد "دوريان فايغنباوم" الشقيق الأصغر لأمه إلى القدس ومن ثم لحق به ليوبولد كزائر في ربيع عام 1922م، حيث تعرف على الحركة الصهيونية ورفضها و رفض إسرائيل, حيث كانت فكرة تأسيس دولة يهودية في فلسطين تمثل في نظره انحرافا مشوهاً للتراث اليهودي.
في صيف عام 1922م زار الشرق الإسلامي كمراسل خاص لبعض الصحف الأوربية الكبيرة , ومنذ تلك السنة بدأ اهتمامه ببلاد الشرق الإسلامية.
كان العالم الإٍسلامي آنذاك يعيش حالة الانهيار والهزيمة، وإذا كانت المفارقات تنبّه النفوس وتحرّك العقول، فلا شكّ أنّ "ليوبولد" بعقله النيّر قد لاحظ هذه المفارقة بين تاريخ الدولة الاسلاميّة، واتّساعها شرقاً وغرباً لتحتلّ حتى جزءاً من وطنه النمساويّ، وبين حالها بعد الحرب العالميّة الأولى، وهكذا بينما كان صاحبنا منبهراً بالقوّة الكامنة في الاسلام، كان في الوقت نفسه، يحسّ بالاشفاق والعطف على هذه الأمة التي غدت حائرة تنشد طريقاً للخلاص ونهاية للمحنة كل ذلك تحوّل الى اهتمام جارف لدى "ليوبولد" بوضع المسلمين.
كان لـ "ليوبولد" موعد مع الشرق، الذي عاش فيه متنقلاً بين كبريات عواصمه كالقدس ,و القاهرة ,و دمشق ،و عمان ،و بغداد ،و الجزائر،و إسطنبول عاصمة الخلافة العثمانية آنذاك، وزار غيرها العديد من العواصم الإسلامية متجولاً بقلبه قبل جسده، لقد رأى الوجوه المبتسمة الراضية بحالها ، لا تلك الوجوه الكالحة العابسة، التي اعتاد رؤيتها في الغرب رغم ما تنعم به من ثراء فاحش.
تفرغ ليوبولد للبحث عن السر في السحر والدفء الذي يميز العرب والمسلمين الذين التقاهم اثناء تواجده ببلاد الشرق فتفرغ للاستشراق,واستطاع بموضوعيته ان يقرأ الإسلام قرأة محايدة.
.
شغف ليوبولد بالثقافة الإسلامية لكنه شغف أكثر بالأمة المسلمة ,ولم يستهوه التقلب بين صفحات كتب المسلمين مثلما استهواه التقلب في بلادهم فزار الجزيرة العربية و أعلن إعتناقه للإسلام عام 1926م أثناء صحبته للملك عبد العزيز مؤسس المملكة العربية السعودية، والذى اصبح بعد ذلك من أخلص خلصائه، وغير اسمه الى (محمد أسد) وقد سجل قصة إسلامه في أشهر كتبه وأثمنها (الطريق إلى مكة) .
ورغم العلاقة القوية التي ربطت أسد ببلاد الحرمين إلا انه اعتبر ان التجربة السعودية في الجزيرة العربية نموذج من نماذج تطبيق الإسلام وأن الفكر الإسلامي مازال يحمل اليه الكثير,فكانت رغبته في الانتقال من المدينة المنورة الى شبه القارة الهندية لاستكمال تجواله في البلاد الاسلامية، وزيارة تركستان والصين واندونيسيا.
التقى محمد أسد بالمفكر والشاعر الاسلامي المعروف محمد إقبال الذي اقنعه بالبقاء والعمل معه على تحقيق حلم قيام دولة باكستان، وهي الدولة التي شهد مولدها فعلاً سنة 1947 وكان أول من حمل جواز سفرها، وتقلد فيها عدداً من المناصب العلمية والسياسية، كان من بينها رئاسة معهد الدراسات الاسلامية في لاهور، والاشراف على قسم الشرق الاوسط في وزارة الخارجية، كما اصدر مجلة تسمى «عرفات»، ثم اصبح وزيراً مفوضاً لباكستان لدى الأمم المتحدة.
وفي تلك المدة ألف كتابه الشهير (الإسلام على مفترق الطرق) ونشره لأول مرة عام 1936م ,ثم ألف كتابه (مبادئ الدولة في الإسلام) وبعد استقالته من منصبه كمندوب دائم لباكستان في الأمم المتحدة في عام 1952 ,تفرغ لمشروع حياته الأكبر (ترجمة القرآن) والذي أصدره عام 1980.
واضطر أخيرا للهجرة و أراد أن يختم حياته في أجواء الأندلس فأقام منذ أوائل الثمانينات في طنجة فالبرتغال فأسبانيا. حتى وافاه الأجل المحتوم وهو يعد الجزء الثاني من مذكراته (عودة القلب إلى وطنه) وكانت وفاته 19 فبراير عام 1992 عن عمر يناهز الحادية والتسعين ودفن ـ حسب وصيته ـ في مقابر المسلمين في مدينة غرناطة الأندلسية .[/center]
موضوع: من هو محمد اسد وماذا تعرف عنة 
الإثنين يناير 23, 2012 11:35 pm
